وإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إذ يندد بهذه الاعتقالات غير العادلة، يرى ما يلي:
أولا: إن اعتقال الشيخ الوقور الذي يبلغ من العمر 90 عاماً والذي نذر حياته لخدمة الدعوة الإسلامية، ودعا المسلمين كافة إلى الإلتزام بتعاليم الدين السمحة المبنية على الاعتدال والوسطية أمر مشين، هز سمعة دولة إسلامية شقيقة في أرجاء العالم.
ثانيا: إن اتهام البروفيسور غلام أعظم، وأمثاله من العلماء والدعاة بارتكاب جرائم الحرب قبل أكثر من أربعين عاماً، أمر لن يصدقه العقل، ولن يقبله مسلمو العالم. فإذا كانت هناك جرائم حرب كما يدعى فأين كان القضاء الوطني طوال هذه الفترة الطويلة، ولماذا لم يتهم بها هؤلاء عندما كانوا حلفاءً للحزب الحاكم. وإذا كانوا فعلاً مجرمي حرب فكيف انتخبهم الشعب البنغلا ديشى بالملايين من الأصوات ليصبحوا أعضاءً في البرلمان وليصبحوا وزراء في الحكومات. أما إذا كان الموقف السياسي لهؤلاء القادة عام1971 بعدم انفصال باكستان الشرقية عن باكستان الغربية، وبخاصة في ضوء التدخلات الخارجية السافرة، فهذا حق تضمنه لهم كل الشرائع والدساتير والقوانين الدولية، وأي مواطن مخلص لوطنه لا يتمنى إلا وحدة وطنه ويرى الحفاظ على هذه الوحدة واجباً وطنياً ودينيا.
ثالثا: يطالب الاتحاد الحكومة البنغلاديشية بإطلاق سراح سماحة الشيخ البروفيسور غلام أعظم وغيره من القادة السياسيين فوراً، حتى لا تؤدي هذه الاعتقالات إلى تعميق الخلافات السياسية، وإلى توسيع النزاعات الاجتماعية المستعصية، في بلد إسلامي شقيق، نتمنى له كل النمو والازدهار، ونرجو أن تصرف فيه كل الجهود والإمكانيات نحو البناء والتنمية الوطنية الشاملة.
رابعا: يُذكر الاتحاد الحكومة البنغلاديشية أن عصر الظلم وتضييق الحريات على الشعوب قد ولّى عهده، ولم يعد له بقاء، وقد رأينا عددا من الشعوب العربية قد تحررت من الخوف، وطردت الطغاة الظالمين، وأقامت عهدا ديمقراطيا جديدا، يضمن للناس الحرية والعدالة والمساواة، ويفك عن الأمة القيود والأغلال، وعلى الحكومة البنغلاديشية أن ترفع ذلك، وعليها أن تبذل كل الجهد لتوحيد طاقات الشعب البنغلاديشي لتحقيق التنمية الشاملة لهذا البلد.
خامساً: إننا نحذر الحكومة البنغلاديشية من أن هذه الممسارسات الخاطئة ستكون لها آثار سيئة على بنغلادش حكومة وشعباً، وأن مصيرها إلى الفشل، كما أن مصير الظلمة والطغاة إلى الهلاك والدمار، وتلك سنة الله فيهم كما قال تعالى: {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:11-14].
سادساً: نبين للحكومة البنغلاديشية أنها كانت جزءا من الهند الوثنية الكبرى، ثم انفصلت عنها في صورة جمهورية باكستان الإسلامية الكبرى، الشرقية والغربية، ثم انفصلت الشرقية عن شقيقتها وكونت دولة وحدها، ولكن هذه الدولة جزء من الدولة الإسلامية الأساسية، فالإسلام جوهرها، وأساس رسالتها، ولا يجوز أن يحارب الله ودعاته، ويقصى أهله، ويغرّب خصومه، فهذا ما يعرّض البلاد للخطر، فليس لهذه البلاد من دعامة إلا الإسلام، وليس لشعبها من معين غير الإسلام.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. والله المستعان
الموافق:18/01/2012م.
الأمين العام رئيس الاتحاد