Professor Ghulam Azam

Home » عربي » Almujtamaa Magazine مجلة المجتمع

Almujtamaa Magazine مجلة المجتمع

بنجلاديش .. القاضي هو الجلاد

اعتقال البروفيسور غلام أعظم

لضرب المعارضة الاسلامية

دكتور أحمد عيسى – لندن

 

ما يحدث في بنجلاديش هو أمر خطير يحتاج من المسلمين إلى وقفة وحساب للنفس عن مدى تطبيق قاعدة (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم). ما يحدث من إلقاء القبض على رموز وقيادات العمل الإسلامي في هذه الدولة المسلمة لهو إثارة لأحقاد قديمة ومواقف سابقة جرت لظروف خاصة سنشرحها. قد يؤدي ذلك إلى إثارة الفتن والقلاقل والمشاكل التي تضاف إلى قائمة الجروح المسلمة في العالم.

————————————————————————————————————————

في الأسبوع الماضي ألقي القبض على البروفيسور الشيخ “غلام أعظم” البالغ من العمر 89 سنة والذي كان أمير الجماعة الإسلامية في بنجلاديش. ورفض القاضي الافراج عنه بكفالة لدواعي شيخوخته ومرضه، ووضع تحت ظروف لا إنسانية ووصل ضغط دمه إلى معدل  خطير، بل هناك احتمال لإخراجه من المستشفى للسجن، وهو شخصية قيادية معروفة في العالم وهو من أهل السنة والجماعة له أكثر من 35 مؤلفا، سبق أن عاش في بلاده بدون جنسية حيث سحبتها الحكومة منه لإزعاجه وتضييق الخناق على حركته الدعوية وكان أمير الجماعة في باكستان الشرقية قبل الانفصال.

 وقال الشيخ برباطة جأش قبيل اعتقاله كما هو منشور في صفحته (6) “أيها الأخوة الأعزاء، فأرجو أن تتذكروا أن النبي (صلي الله عليه السلام) نفسه كان يتحمل الكثير من المعاناة. هذا ليس شيئا بالمقارنة مع ما واجهه في حصار شعب أبي طالب. ونحن إذ نتبع سبيله علينا مواجهة الصعوبات. من فضلكم لا تقلقوا علينا بل فكروا في البلاد وأهل البلاد، فكروا في طريقة الحياة الإسلامية. وإذا شاء الله أن يفتح باب الاستشهاد لنا، فهذا سيكون من حسن حظنا، لذا نرجو ألا تقلقوا علينا واستمروا في الدعاء. استمروا في الحركة بطريقة قانونية، لإنقاذ البلاد والعباد، والحفاظ على سيادة البلد.. نحن لسنا من أولئك الذين يدعون أنصارهم  للانتقام وقتل عشرة في مقابل واحد.. “

وعلمت المجتمع من أحد ابناء الشيخ الدكتور سلمان الاعظمي استاذ اللغويات بجامعة ليفربول، أن الشيخ “عومل معاملة سيئة لدرجة أنه لم يقدم له طعام لائق، ومنع عنه العلاج اللازم، بل منع من قراءة القرآن”. وان الاسرة تشعر بقلق عميق إزاء الطريقة التي عومل بها من قبل حكومة بنجلاديش. وقال: “إن الادعاءات ضده كاذبة تماما ولا يمكن أبدا أن تثبت في محاكمة عادلة”. وابلغني أن المحكمة الحالية هي محكمة صورية قد وضعتها الحكومة الحالية وتضم أعضاء نشطين في الحزب الحاكم وأن المحكمة تنكر حقوق المواطن الدستورية الأساسية. وأضاف “وتعاني عائلتنا في بنجلاديش من انعدام الأمن كما تعرض منزل الأسرة في داكا لهجوم ليلة الجمعة 13 يناير. “ونحن نحث جميع الأخوة والأخوات في الإسلام أن يتقدموا ويحتجوا على هذه المعاملة غير الانسانية للشخصية الاسلامية المخضرمة الذي كرس كل حياته في سبيل الإسلام”.

أصل الحكاية..

بعد انفصال باكستان بشطريها عن الهند عام 1947، شجعت الهند العلمانية انفصال بنجلاديش عن باكستان الغربية بالتعاون مع بعض البنجاليين الذين كانوا يدعون أن باكستان الشرقية (البنغال) لم تكن تحظى بنفس المعاملة التي تحظى بها باكستان الغربية (الباكستان) فقامت حرب بين شطري باكستان وكانت الهند تقف إلى جانب باكستان الشرقية حتى تم لها الانفصال، وحظت الدولة المنفصلة بتأييد القوى التي كانت لا تريد لها أن تبقى ضمن دولة مسلمة قوية. في هذا الوقت كانت الجماعة الإسلامية في صف الوحدة وبقاء شطري باكستان معا كدولة غنية قوية. بعد الانفصال عام 1971م تم سجن الآلاف من المعارضين للانفصال لكن الحكومة آنذاك برأتهم وأطلق سراحهم بناء على اتفاقية ثلاثية تمت بين بنجلاديش وباكستان والهند وأعلن العفو عن جميع المعارضين. لقد تم العفو عن 195 عسكريا ولم يكن العلماء وعلى رأسهم البروفيسور أصلا من بين المتهمين. فلماذا تثار القضية مرة أخرى بعد مرور أربعين سنة؟!

كان ينبغي أن يبقى ما حدث تاريخا لا يمس حياة الناس وحرياتهم لكن حزب (رابطة العوام) الحاكم حاليا العلماني المؤيد للانفصال وجد الآن أن الجماعة الإسلامية أصبحت ذات قوة سياسية واجتماعية في البلاد فأعادوا إثارة القضية منذ أن عادوا إلى الحكم سنة 2008 تنكيلا بالمسلمين وإبعادا لهم عن القيادة السياسية للبلاد وطالبوا بمحاكمة قادة الجماعة بحجة ارتكابهم جرائم حرب وتأييدهم للقوات الباكستانية عام 1971 كما أعلنت الحكومة العلمانية الحظر على أي ممارسة إسلامية سياسية ومنع التعليم الإسلامي واتخاذ كل الوسائل الموجهة لإضعاف المعارضة الإسلامية (1).

ورئيس وزراء بنجلاديش الحالية هي شيخة حسينة ابنة شيخ مجيب الرحمن الذي أعلن استقلال البلاد عام 1971 وأصبح رئيسها المؤسس بعد الحرب، أما المعارضة الرئيسية فهي الحزب الوطني البنجلاديشي وتقوده خالدة زيوار والتي وجدت حلفائها بين الأحزاب الإسلامية، مثل الجماعة الإسلامية البنجلاديشية وجماعة أويكا جوتا الإسلامية، بينما تنحاز عصبة عوامي مع اليساريين والأحزاب العلمانية.

دور الأمم المتحدة..

للأسف قدمت الأمم المتحدة دعما للطلب الذي قدمته بنجلاديش سنة 2009 وأعطتها الضوء الأخضر للتحقيق فيما يقال عنه أنه جرائم رغم ما ذكرناه عن الاتفاقية الثلاثية في العفو عنهم، وطلبت من باكستان وأمريكا تزويدها بالوثائق الخاصة التي تتصل بالحرب، ولكن حينما يحاول أحد المحامين الدوليين التدخل يقال إن هذا أمر داخلي!

تقرير منظمة العفو الدولية 2011

تحدث التقرير عن عمليات القبض والاحتجاز بصورة تعسفية ، حيث اعتقل أفراد كتيبة “التدخل السريع” وغيرهم من أفراد الشرطة أكثر من 1500 من أنصار المعارضة، بعضهم اعتُقل تعسفياً، لفترات تتراوح بين أسبوعين وشهرين خلال مظاهرات الاحتجاج الطلابية أو المسيرات التي جابت الشوارع، والتي اتسمت بالعنف في بعض الأحيان. ووُجهت إلى عشرات المعتقلين تهمة القيام بأنشطة جنائية عنيفة. وأُطلق سراح الباقين بدون توجيه تهم.

في فبراير قبضت الشرطة على نحو 300 شخصا من أنصار تنظيم “تشاترا شبير الإسلامي” وهو الجناح الطلابي لحزب الجماعة الإٍسلامية المعارض، واحتجزتهم لمدة وصلت إلى شهرين في كل من دكا وراجشاهي وتشيتاجونج وغيرها من المدن. ونُفذت الاعتقالات عقب اندلاع موجة من العنف الطلابي في حرم الجامعات الرئيسية. ولقي أربعة طلاب حتفهم خلال مصادمات بين جماعات متنافسة. وورد أن عشرات من نشطاء الطلبة التابعين لحزب “رابطة عوامي” كانوا ضالعين في أعمال العنف (2).

تقرير هيومان رايتس ووتش

وقال براد آدمز، مدير قسم آسيا في هيومن رايتس ووتش: “بعد عامين لها في السلطة، حصلت الحكومة على أكثر من الوقت الكافي لاتخاذ قرار بوقف ممارسات كتيبة التدخل السريع الإجرامية. فرقة الإعدام تجوب الشوارع البنجلاديشية ولم تظهر الحكومة لفعل أي شيء لوقف انتهاكاتها. على رئيسة الوزراء شيخ حسينة أن تتحرك. التقرير يستند إلى تقرير صادر سابق عن هيومن رايتس ووتش بعنوان “القاضي وهيئة المحلفين والجلاد: القتل خارج نطاق القضاء والتعذيب على أيدي قوات الأمن البنجلاديشية الخاصة”. الذي يستند إلى أكثر من 80 مقابلة مع ضحايا وشهود ومدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين ومسئولي أجهزة إنفاذ القانون ومحامين وقضاة (3).

محاكمات غير عادلة

 في نوفمبر 2011 مثل دلاوار حسين سيدي أحد قيادات حزب الجماعة الإسلامية أمام المحكمة ونفى كل التهم الموجهة إليه واتهم الحكومة بالسعي للانتقام منهم. ويقول مراسل بي بي سي إن الحرب شكلت لحظة فاصلة في تاريخ بنجلاديش التي لم تتكيف بعد مع ماضيها العنيف (4). وسيمثل أمام المحكمة الخاصة جميع المواطنين في بنجلاديش من المتهمين بالتعاون مع القوات الباكستانية الذين كانوا يسعون لوقف تحول بنجلاديش إلى دولة مستقلة. وحثت جماعات حقوق الإنسان الحكومة على ضمان سير المحاكمات بما يتفق والمعايير الدولية، وقد أعلنت منظمة هيومان رايتس ووتش أن هذه المحاكمات لا تصل الى مستوي العدل العالمي، وان التغييرات التي أحدثت في قوانين بنجلاديش لا ترقى أبدا للمستوى المطلوب مما يعرض قادة الجماعة الاسلامية السابقين الى اعتقال تعسفي ومحاكمات سياسية جائرة، واحكام ظالمة.

تقول المنظمة إن نظام المحاكمة في بنجلاديش يحتاج إلى تعديلات لضمان العدالة منها (5):

1-  السماح للمتهم بالتأكد من مدى حيادية من يحاكمه. القانون الحالي لا يسمح له بذلك.

2- مصطلح ما يسمى بجرائم الحرب غير واضح في القانون البنجلاديشي ولم يعدل طبقا للمعايير الدولية.

3- التأكد من أن الدفاع يأخذ الوقت اللازم للاستعداد لأن القانون الحالي يسمح له فقط بثلاثة أسابيع.

4- إعطاء المتهم الحق في الاعتراض أثناء المحاكمة بدلا من بقاء هذا الاعتراض إلى نهاية المحاكمة.

5- إنشاء مكتب للدفاع كما هو الحال في البلاد الأخرى.

الحقائق

هناك صفحة للدفاع عن الشيخ طرحت الحقائق الآتية (6):

  • هناك إجماع على أن المؤسسة العسكرية الباكستانية شنت عملية خلال حرب الاستقلال في 1971 من بنجلاديش، وأثناء الحرب وقع العديد من الفظائع الرهيبة.
  • اقام الجيش الباكستاني مجموعات شبه العسكرية محلية لمساعدته في الحفاظ على السيادة الباكستانية للبلاد، وهناك تقارير من وسائل الاعلام التي تثبت ذلك – في الواقع حتى رئيسة وزراء بنجلاديش الحالية الشيخة حسينة قد ذكرت أن الجماعات شبه العسكرية تم انشاؤها من جانب الجيش الباكستاني.
  •  لم يكن لغلام اعظم أي دور رسمي أو معترف به داخل الحكومة الباكستانية أو الجيش، ولم يدّع أي شخص ذلك عليه.
  •  دعي غلام اعظم الى الانضمام الى واحدة من “لجان السلام”، التي اعترف بها منتقديه، على الرغم من الخلاف حول الغرض من هذه اللجان. و يؤكد الشيخ أن الغرض من هذه اللجان كان الحفاظ على السلام بين الجيش والسكان المحليين البنجال، ولقد سجّل الحوادث مع التواريخ والأسماء والوقائع التفصيلية للضحايا الذين ساعدهم. وكان واحدا من عدد من الناشطين السياسيين في ذلك الوقت الذين دعوا لهذه اللجان.
  • ليس هناك أي دليل على أنه في أي وقت قد دعا أو حرض على العنف ضد أي أحد من رعايا بنجلاديش – سواء كان مسلما، أو هندوسيا أو مقاتلا من أجل الحرية أو غير ذلك. وإذا كان هو “العقل المدبر” لجرائم الحرب، كما يزعمون لكانت هناك أدلة معاصرة خلال الكثير من التقارير الإخبارية المنشورة في ذلك الوفت. وليس هناك أي محاضر ضده في أي من أقسام الشرطة.
  •  كانت بنجلاديش تحت رقابة صارمة من قبل الجيش الباكستاني، لذا لم يستطع غلام وحزبه نشر ​​تصريحات علنية معارضة لأعمال المؤسسة العسكرية، ومع ذلك فقد ناشد القوات العسكرية شخصيا وسعى إلى حل للصراع سياسيا وغير عسكري. كانت هذه هي الخلفية للصور التاريخية لاجتماعه مع الجنرال تيكا خان.
  • دستور “محكمة الجنايات الدولية” (ICT) في بنجلاديش هو مقلق للغاية ونوايا ومقاصد المحاكمة هي مجرد الوصول الى حكم مسبق. وقد تم تعيين أعضاء المحكمة من قبل الحزب الحاكم حزب رابطة عوامي والعديد من بين أعضائه قد شاركوا في محاكمات وهمية سابقة، والتي أدين فيها الشيخ وآخرون، وأحرقت دمى ترمز لإعدامهم!
  • نحن نعترف ونتعاطف مع ضحايا حرب الاستقلال الذين عانوا طويلا، ونتفهم بحثهم عن العدالة، ولكن العدالة لن يخدمها إدانة الأشخاص الابرياء.
  • عائلة البروفيسور ترحب بمحاكمة عادلة لأنهم يعلمون أنه لا يمكن أن يدان في مثل هذه المحاكمة. في الواقع لقد حوكم من قبل فيما يتعلق بالمواطنة في التسعينيات. وعلق القاضي في حيثيات الحكم أن “… ليس هناك ما يدل على تورطه مباشرة في أي من الأعمال الوحشية المزعومة التي ارتكبها الجيش الباكستاني أو اعوانه، ونحن لم نجد أي شيء يدل على أنه بأي شكل من الأشكال شارك مباشرة في هذه الفظائع المزعومة خلال حرب الاستقلال”.
  • وكان هناك أيضا محكمة الهجرة البريطانية في عام 2010 عندما رفضت تأشيرة دخول للمملكة المتحدة بزعم ارتكاب جرائم حرب. في الخلاصة قال القاضي “… فمن الواضح بجلاء أن فشل المدعى عليه (بريطانيا) في تقديم أي دليل يساند المزاعم الخطيرة جدا التي قدمت ضد المستأنف (البروفيسور). … أجد أنه من غير المعقول بعد أكثر من خمسة عشر شهرا من جلسة السماع، وعشرة أشهر من رفض المذكرة ليس هناك ذرة دليل على هذه المزاعم”.
  • من المهم ملاحظة الخلفية السياسية الحالية لدفع الإدانات المتصلة بحرب الاستقلال بعد 40 سنة. فإن جميع المشتبه فيهم هم من حزب الجماعة الاسلامية (JI)،أو الحزب الوطني (BNP)، الذين كانوا أعضاء في التحالف الناجح الذي كان في السلطة قبل فوز الحزب الحاكم حزب رابطة عوامي. والذي منذ مجيئه الى السلطة قام بانتهاكات لحقوق الإنسان واسعة النطاق وثقتها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية. حتى ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني أعرب أيضا عن قلقه قائلا “إن واحدة من القضايا التي يجب أن نثيرها هي قضايا حقوق الإنسان في بنجلاديش، وعلينا أن لا نخاف من إثارتها مع السلطات بطريقة صحيحة”.

 

نداء

إلى كل المسلمين وشرفاء العالم والاعلام الجاد والحكومات العربية الثورية الجديدة، والمنظمات المهتمة بحقوق الانسان، والى منظمة التعاون الاسلامي، وندوة الشباب الاسلامي، علينا أن نقف مع احد أعلام العمل والفكر الاسلامي في العصر الحديث، ونرعي شيبته وجهاده، فلنضغط على الحكومة البنجالية، ولنجعل العالم يعلم بما يدور حتى يفرج عن الشيخ أو تضمن له محاكمة عادلة.

  1. ما الذي يجري في بنغلاديش؟ 20يوليو 2010

http://www.alwasatnews.com/2874/news/read/441487/1.html

  1. تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2011

http://www.amnesty.org/ar/region/bangladesh/report-2011

  1. بنجلاديش: وعود حكومية معطلة لوقف عمليات القتل التي تمارسها كتيبة التدخل السريع

http://www.hrw.org/ar/news/2011/05/10

  1. بنغلاديش: محاكمة قيادي بحزب الجماعة الإسلامية بتهمة ارتكاب جرائم حرب

http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2011/11/111120_bangladesh_war_crimes.shtml

  1. Bangladesh: Guarantee Fair Trials for Independence-Era Crimes 11 July 2011

http://www.hrw.org/news/2011/07/11/bangladesh-guarantee-fair-trials-independence-era-crimes

  1. Professor Ghulam Azam- ICT injustice- January 2012

https://ghulamazam.net/factfile


1 Comment

Leave a comment